إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
shape
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
97794 مشاهدة print word pdf
line-top
نسبة خلق الطاعات والمعاصي إلى الله

...............................................................................


ومن المعلوم أن الله تعالى هو الذي يخلق كل شيء حتى الطاعات والمعاصي، ولكنه سبحانه أعطى الإنسان قوة وقدرة يزاول بها أعماله الدينية، وأعماله الدنيوية يستطيع أن يحرث، وأن يصنع، وأن يتكسب بما أعطاه الله تعالى من هذه القوة، مع أن قوته مخلوقة لله، وتنسب أعماله وصنعته إليه، فيقال: هذا من صنع فلان، مع أن الله هو الذي أقدره على أن صنعه, هذه الخشبة نجرها فلان، الله تعالى هو الذي قدر ذلك، وأقدره وهذه السكين أو السيف من صناعة فلان، الله هو الذي أقدره وهو الذي قواه على ذلك، كما يقال أيضا: هذه الصدقة من فلان؛ أي أنه الذي تصدق بها، الله هو الذي أقدره وقواه ومكنه وأعطاه إلى أن عمل هذه الأعمال.
كما تنسب إليه أيضا المحرمات فيقال: فلان هو الذي عمل هذه الخمر وصنعها، مع أن ذلك بمشيئة الله تعالى، وفلان هو الذي قتل هذا القتيل سواء قتله في سبيل الله، إذا كان كافرا، أو قتله ظلما إذا كان مسلما، مع أن الله هو الذي قواه وأمده بهذه القوة، وأمده بهذه القدرة ولو شاء ما فعل.
فيستحق الثواب على الفعل الذي يحمد ويستحق العقاب على الفعل الذي يذم، والله تعالى هو الذي يعينه ويهديه بتوفيقه، كما في قول الله تعالى: وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ أي من قدر الله تعالى هدايته فإنك لا تقدر على إضلاله، ولا يقدر أحد على أن يضلوه، وإن كان الإنسان قد يكون له سبب، قد يكون هناك سبب من الإنسان ينسب إليه، أنه الذي دعا فلانا فاهتدى، وأن هذا الكافر دعا فلانا فضل وتاه، فيكون للإنسان نوع سبب.

line-bottom